نهاية العالم (1)
 

نهاية العالم - عبد الرحمن بن ندى العتيبي

بين فترة وأخرى نسمع خبرا عن تحديد موعد لنهاية العالم، فهناك من وقت لنهاية العالم بحلول الألفية الثانية لميلاد المسيح عيسى عليه السلام، وتوقعوا بتمام الألفين سيحدث شيء ينهي حياة البشر ويدمر كوكب الأرض ومن الناس من انتظر بفارغ الصبر حتى يرى ما سيحدث سنة 2000 ميلادي، وحذر العلماء من أهل الإسلام تصديق تلك الإشاعة، وحل عام 2000 ولم ينته العالم، وتتابعت التوقعات بتحديد نهاية العالم وادعى ذلك أحد الأفاكين ممن يفسرون القرآن بطريقة خاطئة فأخذ يدخل الحسابات والأرقام وكل شيء يجعل له تأويل بالأرقام ويوظف الأرقام المذكورة في القرآن كتسعة عشر ورقم سبعة لكي يبني علمه على هذه الأرقام وفي المحطة خرج علينا بادعاء أنه يتوقع نهاية العالم سنة 1710 هجرية، وهذا من التلاعب وخداع الجهال، ومثل كتب هذا المؤلف يحذر منها ولا يقبل بتفسيره لأنه مستمد من الوهم وطريقة لا تليق بكتاب الله، وهذه الطريقة التي انتهجها هذا الأفاك من الطرق العصرية المشبوهة التي تناولت تفسير القرآن الكريم بما يوافق العلم الحديث.

وهناك من ادعى بأن نهاية العالم ستكون عام 2010 ميلادي وآخر ما سمعناه هو قولهم إن نهاية العالم هي عام 2012 ميلادي، وكل تلك الادعاءات سالفة الذكر مجرد تخمين وأوهام وإشاعات كاذبة يروج لها لخدمة أهداف معينه قد تكون سياسية أو تجارية أو غير ذلك، وفي عقيدة المسلم أن علم نهاية العالم هو علم اختص الله به نفسه ولا أحد يعلم متى تقوم الساعة إلا الله وحده فهو سبحانه قد جعل ذلك من علم الغيب الذي لم يطلع عليه أحد.

نهاية العالم علمها عند الله وحده

من ادعى أنه يعلم الغيب أو نسب ذلك لغير الله فقد أشرك في الربوبية لأن علم الغيب من خصائص الربوبية، فلا يعلم الغيب إلا الله ومن ذلك الغيب علم الساعة قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187)} [الأعراف] وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)} [النازعات].

وفي حديث جبريل الطويل الذي جاء فيه جبريل بهيئة رجل لكي يعلم الصحابة دينهم وهو مروي عن الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه سؤال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم قال: أخبرني عن الساعة قال: »ما المسؤول عنها بأعلم من السائل« [رواه مسلم].

ومن هذا الحديث نعلم أن نهاية العالم وقيام الساعة لا يعلمه أحد ولو كان ملكاً مقربا كجبريل عليه السلام أو نبيا مرسلا كخير المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.



نهاية العالم قريبة ولكن لا يعلم وقتها إلا الله

خلق الله الخلق لعبادته وجعل لهذا الخلق نهاية هي قيام الساعة لكي ينالوا جزاءهم وحسابهم على أعمالهم في هذا العالم وهذه النهاية قريبة بالنسبة إلى ما مضى من عمر الخليقة قال تعالى:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} [القمر]، وقال تعالى {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)} [الأنبياء]، وقال تعالى:{يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)} [الأحزاب]، ومن علامات قرب نهاية العالم بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فكانت الأمم تأتيها الأنبياء والرسل فختم الله تلك الرسالات برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وكان النبي يبعث لقومه خاصة أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلقد بعث للعالم كافة وجعل دينه ناسخاً للأديان من قبله فهو رسول للناس أجمعين قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف:158] والنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الخاتم فببعثته انتهت بعثة الأنبياء إلى هذا العالم فلا يتوقع أن يرسل الله بعده رسولا قال تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40]، وهذا النبي يجب على جميع الخلق الإيمان برسالته ومحبته واتباعه والعمل بما جاء به قال تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، ومما يدل على أن بعثته صلى الله عليه وسلم دليل على قرب نهاية العالم ما رواه سهل بن سعد رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بعثت أنا والساعة كهاتين وقرن بين السبابة والوسطى رواه البخاري، والسبابة والوسطى من أصابع اليد وهي بجانب بعض فأصابع اليد الخنصر ثم البنصر فالسبابة فالوسطى ثم الإبهام وهذه الإشارة بهذا المثال النبوي إشارة إلى قرب قيام الساعة وأنها قريبة وبها تكون نهاية العالم ولكن وقت ذلك علمه عند الله نسأل الله أن يرزقنا الاستعداد للساعة بالعمل الصالح الذي فيه رضي الله والنجاة من ذلك الهول العظيم ونسأله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.



تاريخ النشر 04/01/2010

الإبانة - جريدة الوطن الكويتية