مع ابن تيمية في شهر الصيام
mollaborjan.com tested by Norton Internet Security
أنظم لمتآبعينا بتويتر ...

آو أنظم لمعجبينا في الفيس بوك ...
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
دموع الفراق
 
رقم العضوية : 932
تاريخ التسجيل : Jan 2012
مجموع المشاركات : 994

رقم المشاركة:[1]
تاريخ المشاركة: [16-07-2013]

افتراضي مع ابن تيمية في شهر الصيام






تيمية الصيام



لها أحاديث من ذكراك تشغلها --- عن الشراب وتلهيها عن الزاد

كان ابن تيمية قليل تناول الطعام والشراب، وينشد كثيراً ذلك البيت[1].
ووُصِف ابن تيمية بالفراغ عن ملاذ النفس من الأكل والشرب، وحكي أن أمّه طبخت يوماً قرعاً مرّاً، فتركتها على حالها، فجاء ابن تيمية، وسأل: هل عندك أكل؟ فأخبرته أمّه بذاك القرع المرّ، فأكل وما أنكر شيئاً[2].

وقد جرّب ابن تيمية الحبس في رمضان وغيره، وعاش شهر رمضان خمس مرات في السجن[3]، وكان حبسه جَنّة وخلوة وأنساً بالله تعالى، بل كان كذلك في حق غيره من المحابيس، فقد كانوا مشتغلين بأنواع من اللعب يلتهون بها عما هم فيه، ونحو ذلك من تضييع الصلوات، فأنكر ابن تيمية عليهم ذلك أشد الإنكار، وأمرهم بملازمة الصلاة والتوجه إلى الله بالأعمال الصالحة، وعلّمهم من السنة ما يحتاجون إليه، ورغّبهم في أعمال الخير، حتى صار الحبس بما فيه من الاشتغال بالعلم والدين خيراً من الزوايا، والرُّبُط، والمدارس، وصار خلق من المحابيس إذا أُطلقوا يختارون الإقامة عنده في الحبس[4].

ولئن أمسك وصام ابن تيمية في الحبس، فإنه لم يمسك عن الجهاد فيه؛ فقد جاهد وناظر وقاتل، ومن ذلك أن خصومه شغبوا عليه، فعقد له القضاة مجلساً بمصر في رمضان سنة 705، ثم حبسوه، وكان يدعو لخصومه قائلاً: اللهم هب لهم نوراً يهتدون به إلى الحق.

كما أنه جاهد التتار في رمضان سنة 702 هـ, حيث حرّض السلطان على القتال، وبشّره بالنصر، وجعل يحلف بالله الذي لا إله إلا هو إنكم منصورون عليهم. فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله. فيقول: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً. وأفتى الناس بِالفطر مدة قتالهم، وأفطر هو أيضاً، وكان يدور على الأجناد فيأكل من شيء معه في يده، ليعلمهم أن إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل[5].

وأما عند صلاته التراويح فقد كان يؤمّ الناس لصلاة التراويح فيعلوه عند القراءة خشوع ورقّة تأخذ بمجامع القلوب[6].

وأما عن تقريراته العلمية بشأن شهر الصيام وما يتعلق به، فهذا يطول جداً، وسأقتصر على طرف منها:

قال - رحمه الله -: إعانة الفقراء بالإطعام في شهر رمضان هو من سنن الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «من فطّر صائماً فله مثل أجره»[7].

وجانب الإحسان والإعانة للناس ظاهرٌ في سيرة ابن تيمية، حتى قال الحافظ الذهبي: «له محبُّون من العلماء والصلحاء، ومن الجند والأمراء، ومن التجار والكبراء، وسائر العامة تحبه، لأنه منتصب لنفعهم ليلاً ونهاراً بلسانه وقلمه»[8].

قرر في عدة مواضع تمييز أهل الإسلام في صيامهم عن سائر أهل الملل[9]، وأما مخالفة أهل الكتاب وعدم موافقتهم فمقصودة لذاتها، ومن ذلك قوله: عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أَكلة السحر» أخرجه مسلم.

وهذا يدلّ على أن الفصل بين العبادتين أمر مقصود للشارع، وقد صرّح بذلك فيما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الدين ظاهراً ما عجّل الناس الفطر، لأن اليهود والنصارى يؤخرون»، وهذا نصٌّ في أن ظهور الدين الحاصل بتعجيل الفطر هو لأجل مخالفة اليهود والنصارى.

وإذا كانت مخالفتهم سبباً لظهور الدين، فإنما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله، فتكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد الشريعة[10].

فتأمّل كيف قرر بالأدلة أن مجانبة أهل الكتاب مقصودة لذاتها، وأن مخالفة أهل الجحيم في تعجيل الفطر سبب في ظهور الدين، بل إن مخالفتهم هي أعظم مقاصد الشريعة.

قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، فشهر رمضان له خصوصية بالقرآن، وقد احتفى ابن تيمية بالحديث عن دلائل القرآن، وأهمية فهمه، فقرر أن ألفاظ القرآن فيها من الحكم والمعاني ما لا تنقضي عجائبه[11]، وأن «القرآن قد دلّ على جميع المعاني التي تنازع الناس فيها، دقيقها وجليلها»[12]، وأن كل من كان للقرآن أفهم ولمعانيه أعرف كان أشد تعظيماً له، خلافاً للفخر الرازي في قوله إن الإنسان إذا وقف على المعنى سقط وقعه من القلب[13].

وقرر أن اليقين يحصل بأمور، وذكر منها: تدبر القرآن[14]، وأطال النَفَس في أن القرآن حافل بالدلائل العقلية خلافاً للمتكلمين الذين يزعمون أن أدلة القرآن خبرية فحسب[15].

كما نقض مذهب أهل التجهيل (التفويض) الذي يجعلون معاني الصفات الإلهية مجهولة، أو لا معنى لها، واستدل بالآيات التي تأمر بتدبر القرآن وعقله وفهمه، فآيات القرآن بما فيها آيات الصفات، تُعقل وتُفهم، وكما كان على ذلك السلف الصالح في القرون الثلاثة[16].

بل قال: «من أعظم أبواب الصدّ عن سبيل الله، وإطفاء نور الله، وإبطال رسالة الله: دعوى كون القرآن لا يفهم معناه، ولا طريق لنا إلى العلم بمعناه، ولهذا يسلك هذا الطريق من نَافَق من المتكلمة والمتفلسفة ونحوهم، فإنهم إذا انسدّ عليهم باب الرسالة والأخذ منها، رجع كل منهم إلى ما يوحيه الشيطان»[17].

ومن أروع إشراقات أبي العباس ابن تيمية بشأن الاحتفاء بالقرآن وتدبّره دون الإغراق في دقائق التجويد، وتحسين الصوت؛ قوله رحمه الله:

«إن أرفع درجات القلوب فرحها التام بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وابتهاجها وسرورها، كما قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58]، ففضل الله ورحمته: القرآن والإيمان، من فرح به فقد فرح بأعظم مفروح به، ومن فرح بغيره فقد ظلم نفسه ووضع الفرح في غير موضعه.

ثم قال: وهو دائم التفكر في معانيه، والتدبر لألفاظه، واستغنائه بمعاني القرآن وحِكَمه عن غيره من كلام الناس، وإذا سمع شيئاً من كلام الناس وعلومهم عرضه على القرآن، فإن شهد له بالتزكية قبله، وإلا ردّه.

إلى أن قال: ولا يجعل همته فيما حُجِب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن، إما بالوسوسة في خروج حروفه، وترقيقها، وتفخيمها، وإمالتها، والنطق بالمدّ الطويل والقصير والمتوسط، فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه.. وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت[18].

وحكى أن الراسخين في العلم يذمّون من اقتصر في إعجاز القرآن على ما فيه من الإعجاز من جهة لفظه أو أسلوبه، ويهملون إعجاز معانيه[19].

والحاصل أن لابن تيمية تحقيقات عظيمة بشأن رمضان وتلاوة القرآن نفتقر إليها في هذه الأيام، فقد بيّن أن شرائع الإسلام – ومنها الصيام - لأجل تحقيق عبادة القلب لله وحده، ونيل مقاصد الآخرة من النعيم المقيم، والنظر إلى وجه الله الكريم، وليس لمجرد مصالح دنيوية عاجلة انهمك الكثيرون في إظهارها[20].

كما أن نَفَس التمايز والمفاصلة للكافرين في العبادات والعادات، لا يغيب عن تقريره وتأصيله.

وكذا الاعتزاز والثقة بدلائل القرآن، وكفايته، والفرح به، والاحتفاء بتدبره وفهمه، وليس كما عليه بعض أهل الزمان من الوسوسة والتكلف في دقائق التجويد ومخارج الحروف، أو التصنع بتلحين القرآن، والولع بالمقامات، والمحسنات الصوتية.

فاللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيماناً واحتساباً، واجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا.










أعجبك الموضوع...لا تقل شكرا...ولكن قل ...اللهم أغفر له و أرحمه وتجاوز عن سيئاته وأجعله من المحسنين
الموضوع الأصلي: مع ابن تيمية في شهر الصيام || الكاتب: دموع الفراق || المصدر: منتديات MOLLABORJAN

عبارات البحث

العاب ، برامج ، حسابات ، MOLLABORJAN منتديات ، كوكيز , مواقع الرفع .





lu hfk jdldm td aiv hgwdhl

 ضع تعليق باستخدام حساب الفيس بوك  










رد مع اقتباس
قبل ان ترسل محتوى الموضوع الى صديق تذكر ان الله يراك لا ترفق كلمات خادشه برسالتك او الصور الخادشة اللهم قد بلغت اللهم فأشهد
أرسل هذا الموضوع إلى صديق
 

مواقع النشر (المفضلة)


القسم الإسلامي = Islamic Section



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة BB code is متاحة
لا تستطيع الرد على المواضيع الابتسامات متاحة
لا تستطيع إرفاق ملفات كود [IMG] متاحة
لا تستطيع تعديل مشاركاتك Forum Rules
الانتقال السريع

مع ابن تيمية في شهر الصيام


Bookmark and Share


All times are GMT -8. The time now is 09:37 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.7

RSS - XML - HTML  - sitemap

 

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات MOLLABORJAN.

Site is Hosted by dimofinf : 
استضافة غير محدودة

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر الإدارة .

مشاهدة طاقم الإدارة