التراحم
mollaborjan.com tested by Norton Internet Security
أنظم لمتآبعينا بتويتر ...

آو أنظم لمعجبينا في الفيس بوك ...
دموع الفراق
 
رقم العضوية : 932
تاريخ التسجيل : Jan 2012
مجموع المشاركات : 994

رقم المشاركة:[1]
تاريخ المشاركة: [03-02-2012]

افتراضي التراحم






التراحم




الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوثِ رحمةً للعالمين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛ فإنَّ من أخلاق المسلمين التي أمر بها سيدُ المرسلين عليه الصلاة والتسليم: التراحم([1]).
والتراحم من أبرز ما يميِّز مجتمع المسلمين.
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادِّهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى» متفق عليه.
قال ابن أبي جمرة رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: "الذي يظهر أن التراحم والتواد والتعاطف وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف:
فأما التراحم: فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شي ء آخر.
وأما التواد: فالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي.
وأما التعاطف: فالمراد به إعانة بعضهم بعضا، كما يعطف الثوب عليه ليقويه"([2]).
وقد نعت الله تعالى الصحابة رضي الله عنهم بهذا الخلق فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح/29].
وهذه كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة/54]، والذل لا يُرَغَّبُ فيه إلا في موضعين: الذلُّ للمؤمن، والذُّل للوالد.

ارحموا ترحموا

إنَّ من أجلِّ نعم الله أن يجعلك من المرحومين، قال تعالى: {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران/157].
وممن ينال رحمة الله الذين امتلأت قلوبهم بالرحمة للناس.
ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم» رواه أحمد. والجزاء من جنس العمل.
وفي سنن أبى داود والترمذي قال صلى الله عليه وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ».

من لا يرحم لا يرحم

إنَّ الذي خلا قلبه من الرحمة والشفقة شقيٌّ بعيد عن الله تعالى، واسمع إلى نبيك صلى الله عليه وسلم وهو يقول فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي» أبو داود.
وكيف لا يكون شقيا وقد حُرم رحمة الله؟
فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس» رواه البخاري ومسلم.
ولهما أيضاً: «مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ».
والغليظ القاسي الذي لا تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلاً دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» رواه مسلم.

الرحمة المهداة

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة يمشي في الناس.
قال تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ} [التوبة/61].
وقال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة/128، 129].
وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء/107].
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تأويلها: "من آمن بالله واليوم الآخر كُتب له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله، عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف"([3]). فكان صلى الله عليه وسلم رحمة بالمؤمنين والكافرين.

وإذا رحمت فأنت أم أو أب --- هذان في الدنيا هما الرحماءُ
وهذه صور من رحمته صلى الله عليه وسلم..

رحمته بأمته:

في صحيح مسلم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}، الْآيَةَ. وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي»، وَبَكَى. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أَعْلَمُ- فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ»؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام، فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ».

رحمته بالعيال:

والعيال: مَن تعولهم.
ثبت في صحيح مسلم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ودعا صلى الله عليه وسلم مرةً أبا بكر، فاستعذره من عائشة، فبينا هما عنده قالت: إنك لتقول: إنك لنبي! فقام إليها أبو بكر فضرب خدها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَهْ يَا أبَا بَكْرٍ! مَا لِهَذَا دَعَونَاك» رواه عبد الرزق في المصنف.

رحمته بالأطفال:

قال أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم وهو يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ e تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ t: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ»، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى وقَالَ: «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إلا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» متفق عليه.
وعن أُسَامَة بن زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ»، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا؟ فَقَالَ :«هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» رواه البخاري ومسلم.
وقال رضي الله عنه([4]): كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن بن علي على فخذه الآخر، ثم يضمهما، ثم يقول: «اللهم ارحمهما فإنِّي أرحمهما» رواه البخاري.

رحمته بالجاهل:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ, فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ, فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ; فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وفي رواية أن الأعرابي قال: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا ولا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا» رواه أبو داود.

رحمته بالنساء:

عن أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنِّي لَأَدْخُل فِي الصَّلَاة أُرِيد إِطَالَتهَا، فَأَسْمَع بُكَاء الصَّبِيّ، فَأُخَفِّف مِنْ شِدَّة وَجْد أُمّه بِهِ» رواه البخاري ومسلم.
والْوَجْد يُطْلَق عَلَى الْحُزْن وَعَلَى الْحُبّ أَيْضًا، وَكِلَاهُمَا سَائِغ هُنَا، كما ذكر النووي رحمه الله([5]).
من صور هذه الرحمة بهنَّ: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقَالُوا مَاتَت. قَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي»؟ فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِها»، فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ» ، فجاء قبرَها فصلى عليها. رواه البخاري ومسلم.

رحمتُه بالمساكين والمنكسرة قلوبهم:

قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ رضي الله عنه: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ»، فَلَمْ أَفْهَمْ الصَّوْتَ مِنْ الْغَضَبِ. فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ». قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ». فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا. رواه مسلم.

رحمته بالكافر:

في مسند أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا وَنُؤْمِنُ بِكَ. قَالَ: «وَتَفْعَلُونَ»؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَدَعَا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: «إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمْ الصَّفَا ذَهَبًا، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ»؟ قَالَ: «بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ».
وفي ذاكرتنا جميعاً قوله لملَك الجبال لما أراد أن يطبق على الكفار الأخشبين: «لا؛ فإني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً» متفق عليه.

فمن نرحم؟

أولى الناس برحمتنا: الوالدان.
قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء/23، 24].

يرحم المسلم زوجه.

والزوجة من أولى الناس بالمعاملة الكريمة، قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله» رواه الترمذي. وقال تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم/21]. وأيما علاقة زوجية لا تقوم على المودة والرحمة فلا خير في بقائها.

نرحم أولادنا.

ففي صحيح مسلم، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَدِمَ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالُوا: لَكِنَّا وَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللَّهُ نَزَعَ مِنْكُمْ الرَّحْمَةَ»؟!
وفي الأدبِ المفرد للإمام البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ ومعه صبيٌّ، فجعل يضمه إليه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أترحمه»؟ قال: نعم. قال: «فالله أرحم بك منك به، وهو أرحم الراحمين».
عزَّى أعرابي خليفة في وفاة ابنته الصغيرة فقال: "يا أمير المؤمنين، رحمةُ الله خير لها منك، وثواب الله خير لك منها".
إنَّ بيوتنا لابد أن تسودها الرحمة، ويملؤها الرفق؛ لنهنأ بها، ونسعد فيها، والبيت الذي يعلو فيها الصراخ، ويُسمعُ فيه السب والشتم واللعن، وتكثر فيه الخلافات بين الزوجين، ويضرب فيه الأطفال لأتفه الأسباب، هذا بيتٌ لا يطاق فيه عيشٌ، ولا يطيب به مكث، وقد ارتحلت البركة منه، وما أجملَ حديثَ نبينا صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ الرِّفْقَ» رواه أحمد.

نرحم الطفل الصغير.

فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا» رواه الترمذي.

نرحم اليتيم.

فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ يشكو قسوة قلبه، فقال: «أتحبُّ أن يلينَ قلبُك وتدركَ حاجتَك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلنْ قلبُك، وتدرك حاجتك» رواه الطبراني.
واليتيم مستحق للرحمة بسببين: بيتمه، وصغره.
والإحسان إليه وصية الله للسابقين واللاحقين.

نرحم الفقراء ونمد لهم يد العون.

وفي صحيح مسلم، لما رحم الصحابة قوم مضر وتصدقوا عليهم بعدما رأوا ما بهم من أثر الفاقة تهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه مُذْهَبة وفرح بذلك.

وإنَّ للبهائم من الرحمة لنصيباً..

فرحمتها جالبة لرحمة الله. قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ» رواه أحمد.
وبالجملة فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» رواه الترمذي وأبو داود.
وأختم بحديث عجيب في هذا الباب:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يضع الله رحمته إلا على رحيم». قالوا: كلنا يرحم. قال: «ليس برحمة أحدكم صاحبه، يرحم الناس كافة» رواه الحافظ العراقي الأمالي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

اللهم ارحمنا بواسع رحمتك في الدنيا والآخرة، واجعلنا من عبادك الرحماء.
ربِّ صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


------------------------------







أعجبك الموضوع...لا تقل شكرا...ولكن قل ...اللهم أغفر له و أرحمه وتجاوز عن سيئاته وأجعله من المحسنين

الموضوع الأصلي: التراحم || الكاتب: دموع الفراق || المصدر: منتديات MOLLABORJAN

عبارات البحث

العاب ، برامج ، حسابات ، MOLLABORJAN منتديات ، كوكيز , مواقع الرفع .





hgjvhpl

 ضع تعليق باستخدام حساب الفيس بوك  










رد مع اقتباس
قبل ان ترسل محتوى الموضوع الى صديق تذكر ان الله يراك لا ترفق كلمات خادشه برسالتك او الصور الخادشة اللهم قد بلغت اللهم فأشهد
أرسل هذا الموضوع إلى صديق
فنان الظلام

الصورة الرمزية فنان الظلام
 
رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل : Nov 2011
مجموع المشاركات : 3,829

رقم المشاركة:[2]
تاريخ المشاركة: [03-02-2012]

افتراضي





اللهم أغفر له و أرحمه وتجاوز عن سيئاته وأجعله من المحسنين








رد مع اقتباس
RasHeeD_BMW

الصورة الرمزية RasHeeD_BMW
 
رقم العضوية : 361
تاريخ التسجيل : Dec 2011
مجموع المشاركات : 1,283

رقم المشاركة:[3]
تاريخ المشاركة: [03-02-2012]

افتراضي





شكرا لك اخي

بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك









رد مع اقتباس
saminho10

الصورة الرمزية saminho10
 
رقم العضوية : 939
تاريخ التسجيل : Jan 2012
مجموع المشاركات : 436

رقم المشاركة:[4]
تاريخ المشاركة: [19-02-2012]

افتراضي





بارك الله فيك يا غالي
والى الامام








رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


القسم الإسلامي = Islamic Section



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة BB code is متاحة
لا تستطيع الرد على المواضيع الابتسامات متاحة
لا تستطيع إرفاق ملفات كود [IMG] متاحة
لا تستطيع تعديل مشاركاتك Forum Rules
الانتقال السريع

التراحم


Bookmark and Share


All times are GMT -8. The time now is 10:57 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.7

RSS - XML - HTML  - sitemap

 

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات MOLLABORJAN.

Site is Hosted by dimofinf : 
استضافة غير محدودة

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر الإدارة .

مشاهدة طاقم الإدارة