حبيبة.. وحبيبة .. والفرق بينهما كبير
mollaborjan.com tested by Norton Internet Security
أنظم لمتآبعينا بتويتر ...

آو أنظم لمعجبينا في الفيس بوك ...
دموع الفراق
 
رقم العضوية : 932
تاريخ التسجيل : Jan 2012
مجموع المشاركات : 994

رقم المشاركة:[1]
تاريخ المشاركة: [24-02-2012]

افتراضي حبيبة.. وحبيبة .. والفرق بينهما كبير






أنفاسه تصعد وتهبط. والتوتّر قد بلغ منه غايته، وعشرة أنفس في القصر كلّ يغطّ في غرفته، أو غرفتها في نوم عميق، وهو وحده قلق سهران، لا يعرف النوم ولا يعرفه. والسكون من حوله شبح يطارده من كلّ مكان في قصره الفخم المنيف. فلا يكاد يجلس في مكان حتّى يقوم، ولا يكاد يقف ينظر من النافذة المطلّة على الشارع، حتّى يبتعد عنها، وكأنّ أحداً قد أحسّ بجريمته، فهو يلاحقه بنظراته. وكأنّه من ضيقه يسبّها ويلعنها "ما الذي أخّرها عنّي هذه المرّة؟. لابدّ أن أعاتبها عتاباً شديداً. لن أقبل لها عذراً، ولن أسكت لها. لأرى ماذا ستفعل معي. في كلّ مرّة أريها أخلاقاً حسنة، هذا الذي أطمعها بي. لن أسامحها اليوم. لعلّها الآن تنام في فراشها، ولا تفكّر بشيء من عذابك".

ونظر في ساعته، فازداد غيظه وغضبه. لقد مضى على موعدها خمس ساعات. كاد الليل ينتهي. ما فائدة حضورها الآن. ونظر في المائدة التي أعدّها لها، وما فيها من الأطباق الشهيّة التي طلبت منه بعضها، فتململ واشتدّ شوقه. هنا جلست منذ أيّام. آه لو طالت جلستها أكثر. آه لو رضيت أن تبقى عندي. ما أسوأ عاداتنا الظالمة. ولم يطق منظر أطباق الطعام أمامه. فخرج من غرفته، وهو يقول بغير شعور منه: "والله لن أذوقه ما لم تأت هذه الليلة" ومشى في الممرّات أمام الغرف المغلقة: "يا بؤس حياتي. وهنيئاً لمن ينام ملء جفونه"، وقادته قدماه إلى الحديقة ثمّ إلى خارج قصره، ووجد نفسه يمشي وحيداً في الشوارع الخاوية. وهدوء الليل يؤنسه أو يطارده، ويشفق عليه أو يسخر منه. وسمع من بعيد صوتاً نديّاً، يترنّم بتسبيحات وابتهالات، كان الكون كلّه ينصت إليها بخشوع. وتلحّن لها بعض الديكة بأصواتها الناعمة الشجيّة. وأحسّ صاحبنا بخشعة تسري في كيانه، فتنقله إلى عالم آخر. وانتبه من شروده إلى صوت حركة قريبة منه، فالتفت فإذا هو بشيخ يقارب السبعين من العمر. بصره لا يتجاوز موضع قدميه من طريقه. يمشي بهمّة كهمّة الشباب، قد ألقى بسجّادة صلاته على عاتقه، وأمسك بسبحة بيده، وهو يتمتم بأوراده وأذكاره، ومستغرق في عالم توحيده ومناجاته. وتجاوزه الشيخ، ولم يلتفت إليه. فاستدعى فضوله أن يتابع المسير وراءه. فتبعه حتّى بلغ المسجد المجاور. كان المسجد لم يفتح بعد. فافترش الشيخ سجّادته قريباً من مدخله. وجلس عليها يتابع أذكاره. وبعد سويعة حضر المؤذّن. وكأنّهما على ميعاد:
ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يا شيخ رضوان!
ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، صبّحك الله بالخير يا عم إحسان.
ـ صبّحك الله بالخير والسعادة يا شيخ رضوان، كيف حالك.
ـ بخير والحمد لله. لعلّي لم أتأخّر عليك كثيراً.
ـ لا لا لم تتأخّر، بارك الله فيك وقوّاك.
ـ كلّ يوم أنت تبكّر، هل تخاف أن تهرب حبيبتك. يا عم إحسان.
ـ سامحك الله إنّ حبيبتي لا تهرب منّي أبداً. وجذب الكلام انتباه الشابّ، وطنّ في أذنه، فاقترب من الشيخ بغير شعور منه. فالتفت إليه الشيخ، ونظر نظرة متفرّسة، ثمّ عاد إلى شأنه.
ـ فلماذا هذا التبكير في الحضور. ألم أقل لك إنّها لا تأتي إلاّ في وقتها.
ـ ألا تفكّني من أسئلتك يا عم رضوان.
ـ سامحني إنّ الحديث معك حلو على قلبي.
ـ إنّني من شدّة شوقي أبكّر إليها. ولكنّها اليوم ستتأخّر دقيقة عن الأمس.
ـ أجل! صدقت.
وتذكّر الشابّ صاحبته! فضاق صدره، وامتعضت نفسه، وعادته الكآبة بعدما غابت عنه ونسيها قليلاً. وأراد أن يخرج عن كآبته، فالتفت إلى الشيخ، وقال له بينما كان المؤذّن يفتح أبواب المسجد: ومن هي حبيبتك يا عمّ؟.
ـ فابتسم الشيخ ابتسامة خفيّة ذكيّة، وقال له: حبيبتي عروس حسناء. لم تعرف الدنيا حسناء مثلها، عزيزة كريمة، وفيّة أبيّة، عفيفة شريفة، نعمة معطاء، أتمنّى لكلّ إنسان أن يسعد بلقائها. إنّها تسعدني كلّ يومٍ بلقائها، وتنعشني بحديثها. وتؤنسني بقربها، تزفّها إليّ الألوف كلّ يوم في هذا الوقت، ثمّ تعود بها بعد أن ينتهي ميعادها. فهل عرفتها؟. فإن لم تعرفها فهلاّ تعرّفت عليها. ونعمت بلقائها وقربها. وشرد مرّة أخرى عقل الشابّ، وهو يتذكّر تخلّف صاحبته! فضاق صدره، وتجدّد انزعاجه، ثمّ عاد إلى حواره مع الشيخ.
ـ إنّني لم أفهم كلامك يا سيّدي. فمن تعني.
ـ فحدّق الشيخ بنظره في وجه الشابّ، وكأنّه يفيض عليه من سحر حاله، ما ينقله إلى عالم آخر: عجباً لك والله يا بني. أنت في زهرة شبابك، ولم تتعرّف على حبيبتي الوفيّة. ولم تجلس معها، وتأنس بلقائها. إنّها صلاة الفجر يا أخي! حبيبة قريبة، كريمة سخيّة، تعرّف عليها، واقترب منها، فإنّك لن تطيق عنها صبراً، ولا لها فراقاً، إنّ لقاءها والله يعدل الدنيا وما فيها.

وأطرق الشابّ استحياء. ونفسه تقول له: أين أنت بهمّك وهمّتك، وعبثك وأوهامك. وأين هذا الشيخ بسموّه وعلوّ همّته. أيّ سعادة تلهث وراءها، وتبذل وقتك ومالك، وتحرق أعصابك، ولا تدرك منها إلاّ الوهم والسراب. وأيّ سعادة وبهجة يعيشها هذا الشيخ الوقور، ويتمتّع بها كلّ يوم. وهل صحيح ما يقول عن صلاة الفجر. إن لم يكن كلامه صحيحاً، فما الذي يدعوه إلى أن يترك فراشه في هذا الوقت المبكّر، ويأتي بهذه الهمّة والشوق، يقف على باب المسجد ينتظر.

وانسلّ الشابّ من أمام الشيخ، وتبعه الشيخ بنظراته الرحيمة المشفقة، وذهب وتوضّأ، ودخل المسجد. وكانت بداية عهده مع هذه الحبيبة الوفيّة. التي غمرت حياته بالسعادة والرضا، والأنس والبهجة.


اللهم اجعلنا من المحافظين على صلاتهم
واجعل قولبنا معلفة بالمساجد




عبارات البحث

العاب ، برامج ، حسابات ، MOLLABORJAN منتديات ، كوكيز , مواقع الرفع .





pfdfm>> ,pfdfm >> ,hgtvr fdkilh ;fdv pfdfm>> ,hgtvr ,pfdfm

 ضع تعليق باستخدام حساب الفيس بوك  










رد مع اقتباس
قبل ان ترسل محتوى الموضوع الى صديق تذكر ان الله يراك لا ترفق كلمات خادشه برسالتك او الصور الخادشة اللهم قد بلغت اللهم فأشهد
أرسل هذا الموضوع إلى صديق
ss104455ss

الصورة الرمزية ss104455ss
 
رقم العضوية : 327
تاريخ التسجيل : Dec 2011
مجموع المشاركات : 337

رقم المشاركة:[2]
تاريخ المشاركة: [24-02-2012]

افتراضي





thanxxxxxx








رد مع اقتباس
فنان الظلام

الصورة الرمزية فنان الظلام
 
رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل : Nov 2011
مجموع المشاركات : 3,829

رقم المشاركة:[3]
تاريخ المشاركة: [25-02-2012]

افتراضي





اللهم آآمين يااارب
والله مرااات ترى نفسك مقصر
الله يسامحنا يااارب
موضوع راائع أخي
جزاك الله كل خيرا








رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


القسم الإسلامي = Islamic Section



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة BB code is متاحة
لا تستطيع الرد على المواضيع الابتسامات متاحة
لا تستطيع إرفاق ملفات كود [IMG] متاحة
لا تستطيع تعديل مشاركاتك Forum Rules
الانتقال السريع

حبيبة.. وحبيبة .. والفرق بينهما كبير


Bookmark and Share


All times are GMT -8. The time now is 01:26 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.7

RSS - XML - HTML  - sitemap

 

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات MOLLABORJAN.

Site is Hosted by dimofinf : 
استضافة غير محدودة

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر الإدارة .

مشاهدة طاقم الإدارة