خطورة الخمر والمخدرات على الأفراد والمجتمعات
mollaborjan.com tested by Norton Internet Security
أنظم لمتآبعينا بتويتر ...

آو أنظم لمعجبينا في الفيس بوك ...
دموع الفراق
 
رقم العضوية : 932
تاريخ التسجيل : Jan 2012
مجموع المشاركات : 994

رقم المشاركة:[1]
تاريخ المشاركة: [16-02-2012]

افتراضي خطورة الخمر والمخدرات على الأفراد والمجتمعات






بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائم على كل نفس بما كسبت، والرقيب على كل جارحة بما اجترحت، والمتفضل على عباده بنِعمٍ توالت وكثرت، سبحانه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض تحركت أو سكنت، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله الذي سطعت به أنوار الشريعة وكمُلت ، وعلت به راية الملة وارتفعت ، وحيّرت معجزاته العقولَ وبهرت ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين زكت نفوسهم وطهُرت ، وعلت هِمَمُهم في نصرة الدين وانتهضت ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تلاحمت الغيوم وانسكبت ، وما تلألأت النجوم وأضاءت ، وسلم تسليما كثيراً . . . أما بعد :

فاتقوا الله أيها المسلمون ، وما للنفوس لا تتزود من التقوى وهي مسافرة؟ وما للهِمَم عن ركب المتقين فاترة؟ وما للألسن عن شكر نعم الله قاصرة؟ وما للعيون إلى زهرة الدنيا الفانية ناظرة؟ وعن طريق الهداية الواضحة حائرة؟ ألا فاتقوا الله ربكم، وعظموا نواهيه وأوامره، وتدبروا آياته وعظاته ، فكم فيها من موعظة وعبرة زاجرة .

كم بدأت الآيات بقول المولى جل وعلا بـ : " يا أيها الذين آمنوا " .

قال بعض السلف : إذا سمعت الله يقول : " يا أيها الذين آمنوا " فاصغ لها سمعك ، فإنها خير تؤمر به أو شر تنهى عنه .

الموضوع في غاية الأهمية ويجب أن يعتنى به أيما عناية فهو بحر لا ساحل له ، وبئر لا قاع لها ، وخطر لا مثل له ، وشر لا عدل له ، وقبل أن نخوض غمار هذا الموضوع ونغوص في أعماقه ، ونكتشف أخطاره ، ونتبين أضراره ، ونسبر أغواره ، هناك سؤال لابد منه وهو : ماذا يريد أعداؤنا منا ؟

والجواب على ذلك :

أقول : أيها الاخوة الأفاضل ، لقد أنعم الله على هذه الأمة بنعم كثيرة وخصها بمزايا فريدة ، وجعلها خير أمة أخرجت للناس ، تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتؤمن بالله ، وتحرم الحرام ، وتحل الحلال ، ألا وإن نعم الله ليس لها عد ، وليس لها حد ، وأعظم هذه النعم نعمة الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده شريعة ، ومنهج حياة ، وأتم به على عباده النعمة ، وأكمل لهم به الدين ، فقال جل وعلا : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .

ولكن أعداء الإسلام قد حسدوا المسلمين على هذه النعمة الكبرى فامتلأت قلوبهم حقداً وغيظاً ضاقت نفوسهم بالعداوة والبغضاء لهذا الدين وأهله وأرادوا لو يسلبون المسلمين هذه النعمة ويخرجونهم منها كما قال:تعالى في وصف ما تختلج به نفوسهم : " ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء " ، والآيات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين كثيرة والمقصود انهم لا يألون جهداً ، ولا يتركون سبيلاً ، للوصول إلى أغراضهم ، وتحقيق أهدافهم ، في النيل من المسلمين إلا سلكوه واتبعوه ولهم في ذلك أساليب عديدة ووسائل خفية ، لكنها لا تخفى بإذن الله على من له أدنى بصيرة في أمر دينه ، فهي ظاهرة لمن وفقه الله للعمل لهذا الدين العظيم .

ومن تلك الأهداف التي ينوي الأعداء تحقيقها ما يلي :

1_ العمل على انحرف شباب المسلمين وإضلالهم .

2_ إفساد الإخلاص والوقوع من الرذيلة عن طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد .

3_ تشكيك المسلم في عقيدته.

4_ تنمية روح الإعجاب والانبهار بحضارة الكفرة .

5_ دفع المسلم للتخلق بالكثير من تقاليد الكفار وعاداتهم السيئة .

6_ العود على عدم الاكتراث بالدين وعدم الالتفات لآدابه وأوامره .

7- تجنيد الشباب المسلم ليكووا من دعاة السفر إلى بلاد الكفر بعد عودتهم من هذه الرحلة وتشبعهم بأفكار الكفرة وعاداتهم وطرق معيشتهم .

إلى غير ذلك من الأغراض والمقاصد الخطيرة التي يعمل أعداء الإسلام إلى تحقيقها بكل ما أتوا من قوة ، وبشتى الوسائل ولأساليب الظاهرة والباطنة . فهل عقل أهل الإسلام ما يحاك ضدهم ؟ أرجو أن يكون ذلك .



يقولون : الشيء بالشيء يُذكر ، فكلمة السفر ، تذكرنا بالسياحة الخارجية إلى بلاد الكفر والعهر ، ولا شك أن أغلب من يسافر إلى تلك البلاد يكون له مآرب دنيئة ، ومقاصد قبيحة ، فهي بؤر للفساد ، وميادين لقتل العباد ، ومراتع للإفساد ، وبراثن للإيقاع بالشباب ، فكم من شاب سقط ضحية الصيف بسبب السفر للاستجمام وقضاء الإجازة الصيفية أو جزءٍ منها هناك ، كم خدعتهم أنفسهم ، وكم أغواهم الشيطان ، وكم لبس عليهم أصحاب السوء ، فهي ادعاءات باطلة ، وافتراءات مكذوبة ، ليس لها من الصحة أساس ، ولا يقبل بها العقلاء من الناس ، فهذا شاب جامعي في المرحلة النهائية ، فهو قاب قوسين أو أدنى من التخرج ، علق عليه أهله آمالاً كبيرة ، لكنه تعرف على شلة الأسفار صيفاً ، فخيب آمال أهله ، ودمر أحلامه ، بسبب الإقدام على أول مرحلة من مراحل الفشل ، فسافر وعاقر المخدرات حتى أصبح لا يستغني عنها أبداً ، ففصل من الجامعة ، وأصبح عاطلاً ، وعاد مدمناً ، وأضحى ذليلاً ، فخسر نفسه ودراسته ، وأصبح رهينة لهذا الداء القاتل ، والسم الزعاف ، لقد ألحق العار بأسرته ، والدمار بمستقبله ، حتى وقع في أيدي رجال مكافحة المخدرات ، وزج به في السجن لأنه لم يعد مدمناً فقط بل أصبح مروجاً والعياذ بالله ، فضرره متعد لغيره ، وليس مقتصراً عليه .

كانت هذه القصة واحدة من آلاف مؤلفة من قصص الشباب المؤلمة ، الذين راحوا ضحية الخمور والمخدرات ، ابتدأت بها من باب التسلية ، ومن قبيل المقبلات قبل الأكلات الدسمات .

والآن حان أوان الشروع في المقصود ، فأقول مستعينا بالله المعبود .

لقد أصبح من المعلوم أن هناك حروباً ضروساً تدور رحاها في الخفاء لا يختلف اثنان على آثارها المدمرة وعدد ضحاياها ، يقودها أعداء الإنسانية جميعاً ويشعل نار فتيلها كل جشع وحاقد وحسود ، تلك الحرب هي حرب المخدرات التي يكون وقودها في الغالب صفوة شباب الأمة من أبناء وبنات .

ونحن نعلم هذه الأيام أنه بعد أن تفاقمت مشكلة الخمور في المجتمعات الغربية بدءوا يدركون الأضرار المترتبة على إدمانها ، فبدءوا يبذلون جهوداً مكثفة تتمثل في دعم الأبحاث العلمية وإصدار المجلات المتخصصة التي تتناول الكحول وتأثيراته السلبية على الصحة والمجتمع، ولا أدل على ذلك من أن الحكومة الأمريكية قد أصدرت قراراً في الثلاثينات من القرن العشرين يشير إلى أن المدمنين مرضى شرعيون، وهو أيضاً ما يشير إليه تعريف المدمن من قبل منظمة الصحة العالمية الذي يقول : بأن المدمنين مرضى يستحقون العلاج .

وفي المقابل نجد أن دين الإسلام وقبل ذلك بقرون قد حرم الخمر والمسكرات والمخدرات بصورة عامة والآيات والأحاديث الدالة على ذلك لا حصر لها .



أيها الأخوة في الله : لقد سمعتم كما سمعنا ذاك النبأ العظيم ، الذي ما أن لامس الأذان ، واستقر في سويداء القلوب حتى مزقها ، إنها مأساة بحق مأساة ، لقد نقلت جريدة الرياض بتأريخ :30/10/1419هـ ، خبر ذاك الرجل الذي قضى على حياته وحياة أسرته كلها لقد نشرت الصحف في الأيام الماضية قصة هذا الرجل الذي أقدم على قتل زوجته وابنته وعمرها سبع سنوات وابنه وعمره خمس سنوات وقطع يد ابنه الآخر وعمره ثلاث سنوات ، وهل اكتفى بهذا ؟! كلا ؛ بل قام بالتمثيل بجثثهم وتقطيع أجزاء من أعضائهم .

يا ترى هل يفعل ذلك عاقل ؟! هل بلغت قسوة القلوب أن يقوم أب بقتل فلذات أكباده ؟! هل تحجرت الأفئدة إلى هذا الحد حتى وصل الأمر إلى أن يقتل أم أولاده ؟! هل نُزعت الرحمة من ذاك القلب حتى لم يكتف بالقتل بل لابد من التمثيل بهم وتقطيع أجزائهم ؟!

والجواب كلا ، لم نصل إلى هذا الحد ولكنه السم الزعاف الذي أذهب عقل ذاك الرجل ، إنها الخمور والمخدرات التي نزعت الرحمة والشفقة من ذلك الإنسان فأصبح لا يشعر بنفسه فأخذ يقتل هذا ويسفك دم ذاك ..وكم من جرائم ارتكبت تحت تأثير الخمر والمخدرات ، ومن تلك الأخبار التي قد رويت وتناقلها الثقات قصة ذلك الرجل الذي حضر عنده مروج المخدرات وفي أثناء حديثهما وهم يتفاوضان في الكمية والقيمة دخلت تلك الفتاة الصغيرة تحمل لوالدهما وضيفه كأسين من العصير ، وعندما رآها ذاك الماكر المخادع ، والذئب الجائع ، قال لوالدها : أريد هذه مقابل الكمية ؟ فقال والدها : إنها صغيره ! فقال : لا مشكلة ، فما كان من الوالد إلا أن أحضر ابنته ووضع المخدر في كأس العصير وسقاها إياه حتى إذا غاب عقلها ، بدأ الخبيث بجريمته النكراء بهذه الفتاة الصغيرة البريئة ،ووالدها ينظر إليه وقد غاب عن وعيه بفعل المخدر ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .



أيها الأخوة : شرب الخمور والمخدرات كبيرة من كبائر الذنوب .. فهي أم الخبائث .. ومفتاح كل شر .. تغتال العقل .. تستنزف المال .. تصدع الرأس .. كريهة المذاق .. رجس من عمل الشيطان ؛ توقع العداوة والبغضاء بين الناس .. وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، تدعو إلى الزنا ، وربما دعت إلى الوقوع على البنت والأخت وذوات المحارم ، المخدرات تذهب الغيرة وتورث الخزي والندامة والفضيحة .. وتلحق شاربها بأنقص نوع الإنسان وهم المجانين .. تهتك الأستار .. تظهر الأسرار .. تدل على العورات .. تهوِّن ارتكاب القبائح والمآثم .. تخرج من القلب تعظيم المحارم .. ومدمنها كعابد صنم .

المخدرات : كم هيجت من حرب ؟.. وأفقرت من غني ؟.. وذلت من عزيز؟.. ووضعت من شريف ؟.. وسلبت من نعمة ؟.. وجلبت من نقمة ؟..

وكم فرقت الخمور والمخدرات بين رجل وزوجته ؟.. فذهبت بقلبه وراحت بلبّه .

وكم أورثت من حسرة أو جرّت من عبرة ؟..

وكم أغلقت الخمور والمخدرات في وجه شاربها باباً من الخير ، وفتحت له باباً من الشر ؟

المخدرات كم أوقعت في بلية وعجّلت من منية ؟

المخدرات كم جرّت على شاربها من محنة ، وأدخلته في فتنة ؟

فهي جماع الإثم ومفتاح الشر ، وسلاّبة النعم ، وجلاَّبة النقم .

وحتى نحذر المخدرات بكل أشكالها وأصنافها فإليكم بعض أنواعها :

الأفيون ، المورفين ، الكوديين ، الهيروين ، الكوكايين ، الحشيش ، القات ، المسهرات ، المنشطات ، المنومات ، المهدئات ، الحبوب المخدرة بجميع أنواعها : كالكبتاجون وغيرها .

تلكم هي بعض أنواع المخدرات المحرمة الموجودة اليوم بين شباب المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وما ذكرتها لنجربها ، ولا لنفحصها ، وإنما كانت الذكرى لنحذر من شرها ، ونأمن خطورتها أو الدخول في دوامتها وحرمتها ، فالله المستعان وعليه التكلان .



تعاطي المخدرات من علامات الساعة :

شرب الخمور والمخدرات ، وتعاطي المسكرات وانتشار المنومات علامة ظاهرة من علامات قرب الساعة ، والأدهى من ذلك استحلال بعض الناس لها، نعم لقد استحلها بعض المسلمين اليوم ولا يبالون بالتحريم والتحذير منها عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : " أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا " [ متفق عليه ] .

وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيَسْتَحِلَّنَّ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إِيَّاهُ " [ أخرجه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4945 ] .

لقد أطلقوا اليوم على الخمر أسماءً متعددة من باب التغطية ، فكما جاء في الحديث يسمونها بغير اسمها ، فسموها المشروبات الروحية ، والبيرة ، ومشروب الشعير ، والمقويات ، والمسهرات ، وغير ذلك من الأسماء ، وفي الحقيقة هي المدمرات .



تعاطي المخدرات سبب لترك الصلوات :

لقد ابتلي عدد غير قليل من المسلمين بشرب الخمور والمخدرات والعياذ بالله ، وابتلي بها أكثر أصحاب الأموال والترف ، وأصحاب المراكز والوجاهات ، لأسباب كثيرة ولعل :

منها : أن الحصول على الخمور والمخدرات يحتاج إلى ميزانية، لارتفاع أسعارها، وهذا ما لا يتمكن منه الفقير الفاسق .

ومنها : أن هذه الطبقة من المجتمع، تقليداً لأشباههم الكفار الغربيين، يعتبرونه من مكملات الوجاهة ومن تتمات الترفه والغنى – زعموا – فالكافر كافر كل شيء عنده حلال .

أما أصحاب الترف من المسلمين ، وأصحاب الملذات واللعب من هذه الأمة، مع كونهم مسلمين، ومع أنهم يعلمون حرمته، لكنهم يُذهبون عقولهم بأيديهم ، ومن ذهب عقله ، ضاعت هيبته ، ورخصت سلعته ، نسمع عن بعضهم أنهم لا يشربون الخمر بالكأس بل بالسطل ، وآخر إذا شرب هاج وماج على أهل بيته ضرباً وركلاً ، وثالث إذا سكر مشى عرياناً بين أولاده ، حيوانية وبهيمية متناهية ، وبعضهم يبقى بالأربعة والخمسة أيام فاقداً للوعي، لا يترك لنفسه فرصة ولا دقيقة واحدة ليعود إليه عقله ، فتفوته الصلاة تلو الأخرى ، وهو متعمد في ذلك ، فقد أذهب عقله بيده ، ومن ترك صلاة فرض واحدة متعمداً فهو كافر مرتد ، كما ذكر ذلك ابن حزم رحمه الله عن عدد من الصحابة ، وكما نقل شقيق بن عبد الله البجلي رحمه الله أنه قال : لم يكن أصاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ، وجاءت الأدلة من الكتاب والسنة متضافرة في كفر تارك الصلاة ، قال صلى الله عليه وسلم : " من ترك الصلاة سُكراً مرة واحدة ، فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسُلبها " [ أخرجه أحمد والحاكم وهو حسن لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 608 ] ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ ، وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ ، وَلَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ " [ أخرجه ابن ماجة والبيهقي وهو حسن لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 601 ] .



شرب الخمور وتعاطي المخدرات سبب للعقوبات :

إن تعاطي تلك السموم ، والآفات الفتاكة ، والقبائح المحرمة ، سبب لزيادة العذاب في الدنيا والآخرة ، وعلى المسلم أن يعلم علم يقين حرمة الخمور والمخدرات ، فلقد ثبت ذلك في الكتاب العزيز ، وثبت تحريمها في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حديث أَبِي مُوسَى قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ : " اشْرَبُوا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا ، فَإِنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ " [ أخرجه البخاري ] ، وفي الحديث الذي رواه نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ " [ أخرجه مسلم ] ، فمتى أدركنا حرمة الخمور والمخدرات والمسكرات ، فعلى المسلم أن يحذر عاقبة الحرام ، فعاقبته سيئة .

وما نحن بصدده الآن هو عقوبة شارب الخمر في الآخرة ، فقد جاءت الأدلة بنزول شارب الخمر في دركات جهنم والعياذ بالله ، وتحقق وقوع العذاب عليه ، بل وهناك من العذاب ما تشمئز منه البهائم فضلاً عن الإنسان ، من شدته وقباحته ودناءته ، ولكن الجزاء من جنس العمل ، فمن رضي بالهوان في الدنيا ، فله الهوان في الآخرة ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ ـ نبيذ يتخذ من الذرة والشعير ـ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوَ مُسْكِرٌ هُوَ ؟ " قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ " قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ : " عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ " [ أخرجه مسلم والنسائي ] ، وعَنْ أَبِي مُوسَى ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَقَاطِعُ رَحِمٍ ، وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ ، وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنًا لِلْخَمْرِ ، سَقَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ " قِيلَ : وَمَا نَهْرُ الْغُوطَةِ ؟ قَالَ : " نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ ـ الزانيات ـ يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ " [ أخرجه أحمد ، وصحح إسناده حمزه الزين في تحقيق المسن 14 / 515 ، وقال الأرنؤوط : حديث حسن بشواهده ، انظر المسند 32 / 340 ] ، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من ترك الصلاة سُكراً مرة واحدة ، فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسُلبها ، ومن ترك الصلاة أربع مرات سُكراً ، كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال " ، قيل : وما طينة الخبال ؟ قال : " عصارة أهل جهنم " [ أخرجه الحاكم وهو حديث حسن . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 608 ] .

ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها يوم القيامة ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .

قال الخطابي ثم البغوي : " قوله : " حرمها في الآخرة " : وعيد بأنه لا يدخل الجنة ، لأن شراب أهل الجنة خمر ، إلا أنهم : " لا يصدعون عنها ولا ينزفون " ، ومن دخل الجنة لا يحرم شرابها " [ شرح السنة 11 / 355 ] .

لكن يجاب على ذلك القول ، بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من شرب الخمر في الدنيا ولم يتب ، لم يشربها في الآخرة وإن دخل الجنة " [ متفق عليه واللفظ للبيهقي ] .

لكن لو تاب شارب الخمر منها ، فالله يقبل التوبة ، ويشرب خمر الآخرة بإذن الله تعالى يوم القيامة ، ويشهد لذلك ما رواه ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ ، إِلَّا أَنْ يَتُوبَ " [ أخرجه مسلم ] .

تلكم كانت عقوبة الخمر في الآخرة ، أما في الدنيا فإليكم هذه الأحاديث الصحاح التي تدل على خطورة شرب الخمور والمسكرات ، وتعاط المخدرات ، فمن تلك الأحاديث :

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : " إِذَا ظَهَرَتِ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ ، وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ " [ أخرجه الترمذي وهو حديث حسن لغيره . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 605 ] ، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَبِيتَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَشَرٍ وَبَطَرٍ وَلَعِبٍ وَلَهْوٍ ، فَيُصْبِحُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ ، بِاسْتِحْلَالِهِمُ الْمَحَارِمَ وَالْقَيْنَاتِ ، وَشُرْبِهِمُ الْخَمْرَ ، وَأَكْلِهِمُ الرِّبَا ، وَلُبْسِهِمُ الْحَرِيرَ " [ أخرجه أحمد وهو حديث حسن لغيره . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 604 ] ، وعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ " [ أخرجه ابن ماجة وابن حبان بهذا اللفظ ، وهو حديث صحيح لغيره . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 604 ] .

ألا يخشى شارب الخمر ، أن يمسي إنساناً ثم يصبح حيواناً ، أليس الله بقادر على كل شيء ؟ أليس الله بقادر على تعذيب من عصاه ؟ بلى إنه على كل شيء قدير ، ولكنه يمهل ولا يهمل .

فيا من تشرب الخمر إنك تعصي من خلقك ، إنك تضاد من أوجدك ، أتقدر على مواجهة جبار السموات والأرض .

ألا تتقي الله ، ألا تخاف من الله ، ألا تستحيي من الله ، وهو معك يسمعك ، ويراك حيث نهاك .

فانظروا كيف كانت عاقبة شارب الخمر ، ومتعاط المخدرات والمسكرات ، عقوبة بالغة ، تنكيلاً له ، ومداً في العذاب والعياذ بالله ، أما كان له أن يصبر عن معصية الله وينال الأجر العظيم من الله تعالى على صبره وثباته على دينه ، وهذا الصبر ـ أعني ـ الصبر عن معصية الله من أنواع الصبر الثلاثة التي ينال بها العبد شرفاً عظيماً عند الله ، ويكون من المجتازين لأنواع الابتلاءات والاختبارات في هذه الدنيا ، فالدنيا دار اختبار وممر ، وليس دار مقر ، فعلى المسلم أن يوقن بذلك ويتأكد منه ، فهي دار يتزود منها العبد بالعمل الصالح لملاقاة ربه يوم المعاد ، لقد أعد الله هذه الدار الفانية دار لتفاوت الأعمال بين الناس فمنهم المستزيد من أعمال الخير ، ومنهم المقل ، ومنهم من أعماله كلها شر وسوء والعياذ بالله ، ودخول الجنة يحتاج إلى جد ومثابرة ، وطاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، بفعل الطاعات واجتناب المنهيات ، فالجنة سهلة المنال لمن وفقه الله للأعمال الصالحة ، وهي محفوفة بالمخاطر والشهوات والشبهات ، فإذا وُفق العبد في هذه الدنيا لأعمال الخير ونجى من الشر والحرام ، فهو الموفق بإذن الله وهو الناجي من النار ، والفائز بدخول الجنة .



حكم شرب الخمور وتعاطي المخدرات ، وحكم بيعها :

من كان يتصور أن يصل الحال بالمسلمين ، أن يرضوا ببيع الخمر والمخدرات وتداولها في بلادهم ، بل وهناك من يتعاطاها بلا خوف من الله ولا حياءً من عباد الله ، بعد علمهم بتحريمها في الكتاب والسنة ، فأي ذل بعد هذا الذل ، أنرضى بأن نعيد ظلمة الجاهلية ، وقديم الوثنية ، إذا كان الكفار اليوم قد استحلوا مثل هذه المحرمات ، فالكفار حكوماتهم كافرة ، وليس بعد الكفر ذنب ، ولكن العجب فيمن يدعي الإسلام ، ثم يرضى ببيع الخمر بين المسلمين ، ويعينهم على تناولها ، وشارب الخمر ومتعاط المخدرات لا يخلو من حالين :

الأولى / أن يكون مستحلاً للخمر ولبيعها : فإن كان استحلالاً، فإن من استحل الخمر كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل كافراً مرتداً، تضرب عنقه، ثم لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإنما يرمى بثيابه في حفرة بعيدة ، لئلا يتأذى المسلمون برائحته ، وأقاربه بمشاهدته ، ولا يرث أقاربه من ماله ، وإنما يصرف ماله في مصالح المسلمين ، ولا يدعى له بالرحمة ، ولا بالنجاة من النار ، لأنه كافر مخلد في نار جهنم : " إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولاً ".

هذا العقاب لمن استحل الخمر والمخدرات ، وقال بعدم حرمة المسكرات فذاك عقابه وحكمه ، لأن تحريم الخمر معلوم من الدين بالضرورة .

الثانية / أن يكون غير مستحلاً لها : فأما إن كان غير مستحل لها فهو عاصٍ لله ، فاسق خارج عن طاعته ، مستحق للعقوبة ، وعقوبته في الدنيا الجلد ، وقد كان يفتي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن من تكرر منه شرب الخمر فإنه يقتل في الرابعة ، عند الحاجة إليه ، إذا لم ينته بدون القتل ، وهذا والله عين الفقه ، فإن الصائل على الأموال إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل، فما بالكم بالصائل على أخلاق المجتمع، وصلاحه وفلاحه، لهو أعظم جرماً من غيره ، لأن ضرر الخمر لا يقتصر على صاحبه، بل يتعداه إلى نسله ومجتمعه .

وكل هللة تأتي من بيع الخمور والمخدرات فهي سحت حرام ، لا تزيد العبد إلا بعداً من ربه ، ولا تكسبه إلا نفرة من المسلمين ، فهو عدو للإسلام والمسلمين ، بل للناس أجمعين ، فهو معين للقتل ، وسبب للإجرام ، وهذا المال الذي يكون بتلك المثابة حرام لا يشك فيه سفيه ، فضلاً عن العاقل والعالم ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا ، وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَثَمَنَهَا ، وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ " [ أخرجه أبو داود وصححه الألباني ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 598 ] ، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ ثَلَاثًا ، إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ " [ أخرجه أبو داود وهو حديث صحيح ، وأصله في الصحيحين دون الجملة التي تحتها خط ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 598 ] .

واعلم أيها المسلم أن بيع هذه السموم بين المسلمين ، يضعف شوكتهم ، ويوهن قوتهم ، ويجعل الأعداء يتسلطون عليهم ، ألا وإن من أسباب بيع الخمور والمخدرات انتشار الفاحشة في بلاد الإسلام ، قال تعالى : " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون " [ النور 19 ] ، ألا وإن في انتشار الخمور والمخدرات وبيعها على المسلمين ، إيذاء للأنفس البريئة ، وإحداث فرقة بين الأسر ، وتفكك لأواصر المحبة ، قال تعالى : " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً " [ الأحزاب 58 ] ، إلا وإن في بيع الخمور والمخدرات فتنة للمسلمين والمسلمات ، قال تعالى : " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق " [ البروج 10 ] .

الإسلام حرم التبذير والإسراف ، وإهدار الأموال فيما لا فائدة فيه ، ولا حاجة إليه ، ومع ذلك ولخطورة الخمر ، وتحريمها وتحريم ثمنها ، فقد أمر بإراقتها ولو أدى ذلك لخسران الأموال المدفوعة فيها ، فهي أموال محرمة لحرمة أصلها وهي الخمر ، عن جابر بن عبد الله قال : كان رجل يحمل الخمر من خيبر إلى المدينة فيبيعها من المسلمين ، فحمل منها بمال ، فقدم بها المدينة ، فلقيه رجل من المسلمين فقال يافلان : إن الخمر قد حرمت ، فوضعها حيث انتهى على تل وسجى عليها بأكسية ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : بلغني أن الخمر قد حرمت ؟ قال : " أجل " قال ألي أن أردها على من ابتعتها منه ؟ قال : " لا يصح ردها " قال : ألي أن أهديها إلى من يكافئني منها ؟ قال : " لا " قال : إن فيها مالاً ليتامى في حجري ؟ قال : " إذا أتانا مال البحرين ، فأتنا نعوض أيتامك من مالهم " ثم نادى يا أهل لمدينة ، فقال رجل : يا رسول الله ! الأوعية ننتفع بها ؟ قال : " فحلوا أوكيتها ، فانصبت حتى استقرت في بطن الوادي " [ أخرجه أبو يعلى 2 / 230 ، وفيه يعقوب القُمِّي وهو صدوق وثقه ابن حبان والطبراني ، وفيه عيسى بن جارية وهو مختلف فيه ] ، لكن هناك ما هو أصح منه ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ ؟ فَقَالَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدِيقٌ مِنْ ثَقِيفٍ أَوْ مِنْ دَوْسٍ ، فَلَقِيَهُ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ بِرَاوِيَةِ خَمْرٍ يُهْدِيهَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا فُلَانٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ عَلَى غُلَامِهِ فَقَالَ : اذْهَبْ فَبِعْهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا فُلَانٍ بِمَاذَا أَمَرْتَهُ ؟ " قَالَ : أَمَرْتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا ، قَالَ : " إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا " فَأَمَرَ بِهَا فَأُفْرِغَتْ فِي الْبَطْحَاءِ " [ أخرجه مسلم وأحمد والدارمي ، تفسير ابن كثير 2 / 604 ] .



شرب الخمور وتعاطي المخدرات سبب لعدم قبول الصلوات :

لقد جاء في التحذير من شرب الخمر لما تسببه من خطر عظيم ، وجرم كبير ، في قوله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة ، ولا يموت وفي مثانيه منه شيء إلا حُرمت عليه الجنة ، فإن مات في أربعين ليلة ، مات ميتة جاهلية " [ أخرجه الطبراني بإسناد صحيح وصححه الألباني في الصحيحة برقم 2695 ] .

وليس معنى عدم قبول الصلاة أنها غير صحيحة ، أو أنه يترك الصلاة ، بل المعنى أنه لا يثاب عليها . فتكون فائدته من الصلاة أنه يبرئ ذمته ، ولا يعاقب على تركها .

قال أبو عبد الله ابن منده : " قوله : " لا تقبل له صلاة " أي : لا يثاب على صلاته أربعين يوماً عقوبة لشربه الخمر ، كما قالوا في المتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب : إنه يصلي الجمعة ولا جمعة له ، يعنون أنه لا يعطى ثواب الجمعة عقوبة لذنبه . [ تعظيم قدر الصلاة 2 / 587 ، 588 ] .

وقال النووي : " وَأَمَّا عَدَم قَبُول صَلاته فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَة فِي سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ " ، ولا شك أنه يجب على شارب الخمر أن يؤدي الصلاة في أوقاتها ، وأن يصوم رمضان ، ولو أخل بشيء من صلاته أو صيامه لكان مرتكباً لكبيرة عظيمة هي أشد من ارتكابه لجريمة شرب الخمر ، فإن ترك الصلاة متعمداً كفر بإجماع المسلمين ، فانظروا أيها الأخوة إلى خطورة تعاطي المخدرات والخمور والمسكرات .

وليُعلم أن وقوع المسلم في معصية وعجزه عن التوبة منها لضعف إيمانه لا ينبغي أن يُسوِّغ له استمراء المعاصي وإدمانها ، أو ترك الطاعات والتفريط فيها بل يجب عليه أن يقوم بما يستطيعه من الطاعات ويجتهد في ترك ما يقترفه من الكبائر والموبقات .

والواجب على المسلم أن يتقي الله تعالى وأن يحذر من إغواء الشيطان ونزغاته ، وألا يجعل من نفسه أُلعوبة بيد الشيطان ، فإن انتصر عليه شيطانه ، وأوقعه في معصية الخالق جلَّ جلاله فليبادر إلى التوبة ، فإن الله يقبل التوبة ويعفو عن السيئات ، ومن تاب من ذنوبه ، كان كمن لم يذنب ذنباً ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ـ عبد الله بن مسعود ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ " [ أخرجه ابن ماجة وصححه البوصيري كما في الزوائد / حاشية سنن ابن ماجة ، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 3 / 382 ] .

وهذه العقوبة على شارب الخمر إنما هي لمن لم يتب ، أما من تاب وأناب إلى الله فإن الله يتوب عليه ويتقبل منه أعماله .



عدم قبول توبة المصر على شرب الخمر والمخدرات :

من رحمه الله تعالى التي وسعت كل شيء أنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، فرحمت الله بلغت كل شيء ، فهو أرحم الراحمين ، والعافي عن المذنبين ، وقابل توبة التائبين ، ومن عدل المولى سبحانه وتعالى في خلقه ، وقسطه بهم ، أنه يبغض المستهزئين ، ويكره المستهترين ، لا سيما إن كان ذلك الاستهزاء والاستهتار في الدين ، فذلك كفر صريح ، كيف وقد قال الله تعالى : " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبا الله وآياته كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم . . . " [ التوبة 65-66 ] ، وسبب نزول هذه الآية ما رواه عبد الله بن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس : ما رأينا مثل قُرَّائنا هؤلاء ـ يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته ـ أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسنة ، ولا أجبن عند اللقاء ، فقال رجل في المجلس : كذبت ولكنك منافق ، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، ونزل القرآن ، قال عبد الله بن عمر : فأنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تنكبه الحجارة ، وهو يقول : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " [ أخرجه الطبري 6 / 408 ، وانظر تفسير ابن كثير 3 / 405 ] ، فأولئك النفر من المسلمين المجاهدين ،يريدون قطع الطريق ولكنهم تكلموا بكلام عظيم ، فلم يقبل الله توبتهم ، وشرب الخمر وتعاطي المخدرات من المحرمات ، ومن تعدي حدود الله ، فإذا لم تقبل توبتهم ، لهو عدل من الله فيهم ، الذي وهبهم شتى النعم ، وصنوف الخيرات ، ثم يستعينون بها على معصية الخالق جل جلاله ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَسَقَاهُ مِنْ نَهْرِ الْخَبَالِ قِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا نَهْرُ الْخَبَالِ قَالَ نَهْرٌ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ " [ أخرجه الترمذي ، وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وقال الألباني : صحيح لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 606 ] .

قال الألباني رحمه الله : " وفي هذا الحديث نرى عدم قبول توبة شارب الخمر والمخدرات ، لأن توبته ليست صادقة ، بدليل نقضه لها كل تلك المرات ، وتعمده في ارتكاب هذا الفعل المشين ، ونظير ذلك قوله تعالى : " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفروا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون " .

فمن تعمد المعصية ، واقتراف الذنب مع علمه بتحريمه ، فهو على خطر عظيم ، وهو تحت مشيئة الله تعالى يوم القيامة ، فليحذر من سولت نفسه الإقدام على مثل تلك الأفعال القبيحة ، والأعمال الشنيعة ، فعاقبة أمرها خسراً ، ونهايتها وبالاً .







نفي كمال الإيمان عن شارب الخمر ومتعاطي المخدرات :

معلوم من الدين بالضرورة تحريم الخمر شربها وبيعها والتجارة فيها ، بل لعن الله في الخمر عشرة ، فعن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وآكل ثمنها " [ أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد وابن ماجة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5091 ] . ولقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم كمال الإيمان عمن يتعاطى الخمر والمسكرات والمخدرات ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ " [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له ] .

فالمؤمن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر ، يعلم علم يقين أن الخمر حرام ، لأنه يقرأ كتاب الله تعالى كل يوم وليلة ، ويقرأ السنة ، ويسمع الخطب والمحاضرات ، ويقرأ في الصحف والمجلات ، ويدرس أبناءه في كتبهم ، وفي كل ذلك بيان لتحريم الخمر ، فمن كان يرجو لقاء ربه ، ويطمع أن يكون ربه عنه راض ، فليحذر من الخمر والمخدرات فهي أساس الشرور ، ومفتاح كل بلاء ، ومن شربها ضارباً بنواهي القرآن والسنة عرض الحائط ، فهذا مكذب بالله واليوم الآخر وهو على خطر عظيم ، ولقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر " [ أخرجه الطبراني وهو صحيح لغيره ، الترغيب والترهيب 2 / 598 ] .



تعاطي المخدرات حرمان من دخول الجنات :

شدد النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم شرب الخمر وحرم على شاربها دخول الجنة ، فشارب الخمر لا يمكن أن يعلم حرمتها في الكتاب والسنة واتفاق جميع أئمة المسلمين ، ثم يقوم بشربها ، إلا طاعة للشيطان ومعصية للرحمن ، رضاً للهوى والشهوات ، وبعداً عن أسباب دخول الجنات ، فإن كان مقراً بحلها فقد حرم الله عليه دخول الجنة والعياذ بالله ، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةَ : مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَالْعَاقُّ ، وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ " [ أخرجه أحمد وغيره واللفظ له وهو حديث حسن لغيره . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 600 ] ، فلا يمكن لعاقل أبداً أن يتعدى حدود الله ، ويدعي الإيمان ، بل الإيمان منه براء ، لأن المعصية تجر إلى المعصية حتى تطبق على الإنسان فلا يعود يعرف معروفاً أو ينكر منكراً ، ثم يموت على خاتمة سيئة عياذاً بالله من ذلك ، ومنهم من يموت وهو يقول كلمة الكفر ، لأنه لم يتب من ذنوبه وآثامه فتربى عليها وعاش عليها وأدمنها وألفها ثم مات على ذلك ، فمثل أولئك الذين يشربون الخمور والمسكرات ، ويتعاطون المخدرات المهلكات قد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن أكثرهم مات وهو يشربها ، أو مات وهو يطلبها ، بل لا يمكن أن يموت على شهادة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) ، فأي نهاية مؤلمة لأولئك الناس ، فالخمر أم الخبائث وتجر معها الكثير من الكبائر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجتنبوا الخمر ، فإنها مفتاح كل شر " [ أخرجه الحاكم وهو حديث حسن لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 601 ] ، وقد ثبت لدى الناس اليوم مصداقية هذا الحديث ، فكم هم الذين يشربون الخمور أو يتعاطون المخدرات ، ثم يصبحون في مصاف البهائم ، فلا يعرفون الحرام ، ولا يميزون الحلال ، فمن شرب الخمر ، وغاب عقله ، وفقد أهليته البشرية ، لا يتوانى عن ارتكاب أي منكر أو فاحشة دون شعور ، فهو كالشاة التي تنقاد لذابحها ، لأنه أذهب عقله بنفسه ، وأي عاقل يفعل بنفسه مثل هذه الأفاعيل والأباطيل ، فسبحان الله الذي وهب العقول وميز بها أناساً عن آخرين ، قال تعالى : " إنا هديناه النجدين " والنجدان : الطريقان ، أي طريق الخير وطريق الشر ، فكيف يُقبل من عاقل أن يختار طريق الشر الذي يؤدي إلى النار دون طريق الخير الذي يوصل إلى الجنة ، لا يمكن أن يصدُق عليه أن يكون عاقلاً أبداً .





تعاطي المخدرات يؤدي لارتكاب الموبقات :

هذه قصة تؤيد مصداقية حديث النبي صلى الله عليه وسلم في أن الخمر سبب لكل شر ، ومفتاح لكل سوء ، فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه أن عثمان بن عفان خطب الناس فقال : اجتنبوا الخمر ، فإنها أم الخبائث ، إن رجلاً ممن كان قبلكم ، كان يتعبد ويعتزل النساء ، فعلقته امرأة غاوية ، فأرسلت إليه أني أريد أن أشهدك بشهادة ، فانطلق مع جاريتها ، فجعل كلما دخل باباً أغلقته دونه ، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة ، وعندها باطية فيها خمر ، فقالت : إني والله ما دعوتك لشهادة ، ولكن دعوتك لتقع علي ، أو لتشرب من هذا الخمر كأساً ، أو لتقتل هذا الغلام ، وإلا صحت بك وفضحتك ، فلما أن رأى أن ليس بد من بعض ما قالت ، قال : اسقيني من هذا الخمر كأساً ـ ففي ظنه أن الخمر أهونها مصيبة ، وأقلها ضرراً ـ فسقته ، فقال : زيديني كأساً ، فشرب فسكر ، فقتل الغلام ، ووقع على المرأة ، فاجتنبوا الخمر ، فوالله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر في قلب رجل إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه " [ المصنف 9 / 236 ] ، فانظروا عاقبة شرب الخمر ، أوقعت في قتل النفس المعصومة ، وتسببت في الوقوع في الفاحشة والرذيلة ، فيالها من عاقبة وخيمة ، ونهاية مؤلمة لمن ألف الخمر وشربها ، والمخدرات وتعاطيها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ملكاً من ملوك بني إسرائيل أخذ رجلاً فخيره بين أن يشرب الخمر ، أو يقتل نفساً ، أو يزني ، أو يأكل لحم خنزير ، أو يقتلوه إن أبى ، فاختار الخمر ، وإنه لما شرب الخمر ، لم يمتنع من شيء أرادوه منه " [ أخرجه الطبراني بإسناد صحيح ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم 2695 ] .

وكم من شارب للخمر ومتعاط للمخدرات قد وقع فيما هو أعظم وأخطر من مجرد الشرب أو التعاطي ، من قتل للأنفس البريئة بلا قصد ، أو قتل متعمد ، أو حادث مروري بسبب التعاطي ، أو حتى قتل لنفسه ، المخدرات تؤدي إلى الهلاك والدمار ، والخزي والعار ، وتوصل إلى دار البوار ، شارب الخمر لا محالة سيفقد عقله ، ومن فقد عقله بيده ، وباختياره فهو مؤاخذ بأفعاله وأقواله .

وكم الناس اليوم من إذا شرب الخمر ، قام يتخبط في بيته كالمجنون والمعتوه ، يضرب هذا ، ويكسر ذاك ، ويترنح تارة ، ويهدد أخرى ، ولو صوروه وهو على تلك الحال ، ثم رأى نفسه بعد أن يفيق ، فإني أجزم أنه لو رأى نفسه البهيمية على تلك الحال المزرية ، حتماً ولا بد أنه سيتوب إلى الله ، ويندم أشد الندم .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يلقى الله شارب الخمر يوم القيامة حين يلقاه وهو سكران ، فيقول : ويلك ! ما شربت ؟ فيقول : الخمر ، قال : أولم أحرمها عليك ؟ فيقول : بلى ! فيؤمر به إلى النار " [ أخرجه عباد الرزاق في المصنف 9 / 237 ] .



شرب الخمور ، وتعاطي المخدرات معصية للعزيز الجبار :

شارب الخمور ، ومتعاط المخدرات والمسكرات ، متعد لحدود الله تعالى ، وعاص لله ولرسوله ، قال تعالى : " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين " [ النساء 14 ] ، متعاطي المخدرات ، وشارب الخمور ، مرتكب لنواهيه سبحانه ، ومخالف لأمر الكتاب العزيز ، والسنة المطهرة ، ومن فعل تلك الأعمال المحرمة فقد استحق العقاب ، وقد جاء إقامة الحد على شارب الخمر ومتعاط المخدرات ، في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ " قَالَ : ثُمَّ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الرَّابِعَةِ فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ ، وَكَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا قَالَ فَرُفِعَ الْقَتْلُ وَكَانَتْ رُخْصَةً وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافًا فِي ذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ " [ صحيح الترمذي ] .

وقد فسر بعض أهل العلم القتل في الحديث : بشديد العقاب ، وقوة الجلد ، وقالوا : أن القتل منسوخ بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الحديث هذا ، فعندما أتي بالرجل في الرابعة لم يقتله وإنما اكتفى بجلده [ مرقاة المفاتيح 7 / 190 ] .

لكن قد يرى الإمام مصلحة في قتل شارب الخمر ، ومتعاط المخدرات ، حتى يكون عبرة لغيره ، أو لكف أذاه عن المسلمين إذا ثبت أذاه ، أو لأي مصلحة يراها ولي الأمر ، وإن كان قتل الشارب منسوخاً كما ذكره جمع غفير من أهل العلم ، لكن يجوز قتله إذا خضعت المصلحة لذلك ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " نسخ الوجوب لا يمنع الجواز ، فيجوز أن يقال : يجوز قتله إذا رأى الإمام المصلحة في ذلك ، فإن ما بين الأربعين إلى الثمانين ليس حداً مقدراً في أصح قولي العلماء ، كما هو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين ، بل الزيادة على الأربعين ترجع إلى اجتهاد الإمام فيفعلها عند المصلحة ، كغيرها من أنواع التعزير ، وكذلك صفة الضرب فإنه يجوز جلد الشارب بالجريد والنعال وأطراف الثياب بخلاف الزاني والقاذف . فيجوز أن يقال : قتله في الرابعة من هذا الباب " [ مجموع الفتاوى 7 / 483 ] .

وقال الألباني رحمه الله : " لا دليل ينهض على النسخ ، وكل ما استدلوا به إنما هي روايات من فعله صلى الله عليه وسلم أنه لم يقتل ، ومع أنه ليس فيه ما يصح ، ولو كان فيه شيء يصح معه النسخ ، فهي لا تنسخ أصل مشروعية القتل ، وإنما تنسخ الوجوب " [ الروضة الندية 3 / 315 ] .

وقال القاضي عياض رحمه الله : " أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر ، وأجمعوا أن لا يُقتل إذا تكرر منه ذلك ، إلا طائفة شاذة قالوا : يقتل بعد حده أربع مرات ، والحديث الوارد في ذلك وهو عند الكافة منسوخ بقوله عليه الصلاة والسلام : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق " ، وحديث النعمان أن النبي صلى الله عليه وسلم حده ثلاث مرات ولم يقتله ، ونهى عن لعنه ، ودل على نسخه إجماع الصحابة على ترك العمل به " [ إكمال المُعلم 5 / 540 ] .



خطورة شرب الخمر وتعاطي المخدرات :

الخمر أم الخبائث وسبب لكل شر ، وقد كان شربها معروفاً قبل الإسلام وبعده ، ولكن لما حرمت الخمر ونزلت الآيات بتحريمها كف الصحابة رضوان الله عليهم عن شربها فوراً ، وقالوا : انتهينا انتهينا ، فشرب الخمر أمارة من أمارات الساعة ، وإذن بقرب وقوعها ، وقد انتشرت اليوم بشكل ملفت للنظر ، مما يدل على اقتراب شر مستطير قد يقع بهذه الأمة ، أجارنا الله من عذابه وعقابه .

فإذا عرفنا خطورة الخمر والمسكرات والمخدرات فيجب على المسلم الصادق الذي يرجو لقاء ربه وهو عليه راض أن يحذر من هذه السموم الفتاكة والقاتلة ، التي تفتك بالفرد والمجتمع والأمم والشعوب ، وتدمر المنازل ، وتحولها إلى مهازل ، والله عز وجل يأمر عباده بالابتعاد عن كل ما يضرهم ، أو يكون سبباً في هلاكهم ، فقال سبحانه وهو الرؤوف الرحيم : " ولا تقتلوا أنفسكم * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً خالداً فيها وكان ذلك على الله يسيراً " [ النساء ] .

وقال سبحانه اللطيف بعباده : " ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة " [ البقرة ] .

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " [ أخرجه ابن ماجة وأحمد ومالك في الموطأ ، وحسنه النووي رحمه الله ، وصححه الألباني رحمه الله بمجموع طرقه ، السلسلة الصحيحة 1 / 498 ، الإرواء 3 / 413 ] .

فالعقل من أعظم الفروق بين الإنسان والحيوان ، وهو مناط التكليف ، فالإنسان لا يكلف حتى يبلغ الحلم ، ويكون عقله ثابتاً ، ولهذا نرى أن المجنون لا ترتبط به التكاليف ولا تناط به ، بل يرفع عنه القلم حتى يعود إليه عقله ، عَنْ عَلِيِّ بن أبي طالب رضي الله عنه : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ " [ أخرجه البخاري والترمذي وأحمد وأبو داود واللفظ له ] .

فالحفاظ على الكليات ( الضرورات ) الخمس : العقل ، والنفس ، والعرض ، والمال ، والجسد ، أمر واجب ، العقل ليس ملكاً لك حتى تتصرف فيه كيف تشاء ، فليس لك حرية التصرف في الإضرار بالعقل لأنه أمانة ائتمنك الله عليه ، والأمانة ليس ملكاً لمن هي أمانة عنده ، وليس له حرية التصرف بها ، إلا بإذن صاحبها ، فكيف يجرؤ عبد مسلم عرف أوامر الله تعالى ونواهيه ، ثم يقدم على فقد عقله بيده ، وقد كرمه الله وميزه على البهائم بميزة العقل التي بها يستطيع أن يعبد ربه ، ويعرف طريق الخير والشر ، كيف يفقد هذه النعمة العظيمة التي بها يرى الأشياء على حقيقتها ، فيعرف الخطر والضرر من غيرهما ، فلا يجوز بحال تعاط المخدرات والمسكرات والخمور والحبوب والمخدرة والمنشطة بشتى أنواعها وأشكالها لأنها تُذهب العقل وتزيله ، وتجعل المتعاط معرضاً للخطر في كل لحظة ، بل قد تعرض الآمنين من المسلمين لخطر السكران والمخمور .

وتأكيداً لخطورة الخمر والمخدرات ، وضررها على الفرد والمجتمع فقد أمر الشارع الكريم بإراقتها ، وتحريم المال الذي دفع فيها ، والمال الذي سيدفع لشرائها ، أو لصنعها ، عَنْ دَيْلَمٍ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضٍ بَارِدَةٍ ، نُعَالِجُ فِيهَا عَمَلًا شَدِيدًا ، وَإِنَّا نَتَّخِذُ شَرَابًا مِنْ هَذَا الْقَمْحِ نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أَعْمَالِنَا ، وَعَلَى بَرْدِ بِلَادِنَا ، قَالَ : " هَلْ يُسْكِرُ ؟ " قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : " فَاجْتَنِبُوهُ " قُلْتُ : فَإِنَّ النَّاسَ غَيْرُ تَارِكِيهِ ؟ قَالَ : " فَإِنْ لَمْ يَتْرُكُوهُ فَقَاتِلُوهُمْ " [ أخرجه أبو داود ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2 / 419 ] .

فانظروا كيف أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُقاتل أهل البلد إذا أصروا على شرب الخمر ، لأنها من الكبائر الموبقة المهلكة .

فكان لزاماً على عُرف عنه شرب الخمر وتعاطي المخدرات والمسكرات أن يكون مصيره كذلك ، أي أنه يناصح ويبين له وجه التحريم ، فإن عاد وترك ، وإلا قُتل والعياذ بالله .



الخمور والمخدرات قرينة الشرك بالله :

لقد قرن الله تعالى شرب الخمر بالشرك بالله تعالى وعبادة الأصنام والأوثان ولعب الميسر ، فقال الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " ، فلما نزلت هذه الآية الكريمة ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام ؟ بُعداً لك وسحقاً ، فتركها الناس . [ تفسير المنار 7 / 42 ] .

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخمر وشربها أو الاتجار فيها أو كل ما من شأنه أن يكون سبباً في انتشارها ، وحذر تحذيراً بليغاً لمتعاطيها حتى عده كمن يعبد صنماً ، ومعلوم أن من عبد صنماً من دون الله فقد كفر والعياذ بالله ، والمخدرات والمسكرات أشد ضرراً ، وأعظم فتكاً بالأفراد والمجتمعات ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ " [ أخرجه أحمد واللفظ له ، وابن ماجة وابن حبان ، وقال الألباني رحمه الله : صحيح لغيره . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 600 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من شرب الخمر صباحاً كان كالمشرك بالله حتى يمسي ، وكذلك إن شربها ليلاً حتى يصبح . . . " [ مصنف عبد الرزاق 9 / 239 ] ، وما يدريك يا شارب الخمر ، ويا متعاطي المخدرات إن شربتها ليلاً أتصبح ، وإن شربتها صباحاً أتمسي ، فاحذر من أن تلقى الله وفي مثانيك وجسدك منها شيء ، فتلقى الله وهو عليك غضبان ، فشارب الخمر المصر على شربها كمن أشرك بالله .

وقرن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، تعاطي الخمور والمخدرات بالشرك بالله تعالى ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما حُرمت الخمر مشى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض ، وقالوا : حُرمت الخمر ، وجُعلت عِدْلاً للشرك " [ أخرجه الطبراني وصححه الألباني . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 602 ] ، وأخرج النسائي في سننه وصححه الألباني من حديث أَبِي مُوسَى رَضِي اللَّه عَنْه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " مَا أُبَالِي شَرِبْتُ الْخَمْرَ ، أَوْ عَبَدْتُ هَذِهِ السَّارِيَةَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " [ صحيح الترغيب والترهيب 2 / 600 ] ، فهو رضي الله عنه يشبه شرب الخمر بعبادة العمود والجدار من دون الله عز وجل ، ولقد فهم الصحابة من كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم نفهمه نحن ، فهم أعرف الناس بالحلال والحرام ، وهم أفهم الناس بمقصد الكتاب والسنة ، وكذلك التابعين لهم بإحسان ، وهكذا العلماء من هذه الأمة ، ولهذا قرنوا شرب الخمور وتعاطي المسكرات والمخدرات بالشرك بالله تعالى ، قال مسروق بن الأجدع : " شارب الخمر كعابد وثن ، وشارب الخمر كعابد اللات والعزى " [ مصنف عبد الرزاق 9 / 237 ] ، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : " يجيء يوم القيامة شارب الخمر مسوداً وجهه ، مزرقة عيناه ، مائل شدقه ، مدلَّياً لسانه ، يسيل لعابه ، يقذره كل من يراه " [ أخرجه عبد الرزاق 9 / 240 ] .



الفرق بين خمر الدنيا وخمر الآخرة :
قال الله تعالى : " وسقاهم ربهم شراباً طهوراً " [ الإنسان 21 ] ، وصف الله عز وجل شراب أهل الجنة بأنه طهور ، ويُفهم من الآية أن خمر الدنيا ليست كذلك .

ومما يؤيد ذلك أن كل الأوصاف التي مدح الله بها خمر الآخرة منتفية عن خمر الدنيا ، كقوله تعالى : " لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون " [ الصافات 47 ] ، وكقوله تعالى : " لا يصدعون عنها ولا ينزفون " [ الواقعة 19 ] ، فالأوصاف التي ذُكرت هي لخمر الآخرة ، بخلاف خمر الدنيا ففيها غول يغتال العقول ، ويُصَدَّعُ أهلها وشاربيها ، أي يصيبهم الصداع الذي هو وجع الرأس بسببها ، وقوله تعالى : " لا ينزفون " يعني لا يسكرون ، بخلاف خمر الدنيا ، فمن شربها سكر وغاب عقله ، وافتضح أمره ، [ أضواء البيان 2 / 98 بتصرف يسير ] .

كذلك خمر الدنيا مرة المذاق ، علقم الطعم ، أما خمر الآخرة فقد قال الله فيها وهو أحسن القائلين : " من خمر لذة للشاربين " [ محمد ] ، فهي حلوة الطعم ، لذيذة الشرب .

ومن أهم الفروق بين خمر الدنيا وخمر الآخرة ، أن خمر الدنيا حرام بكتاب الله تعالى ، وحرام بما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرام بأقوال العلماء ، وحرام بأقوال الأطباء مسلمين وغير مسلمين ، وحرام بما تقتضيه الطبيعة البشرية من حرص على العقل والمال والنفس والدين ، أما خمر الآخرة فهي حلال بكتاب الله تعالى ، وقد سبقت الإشارة إلى الأدلة على ما ذكرت .



بشرى لمن ترك الخمر والمخدرات خوفاً من الله :

كم هم أصحاب الهمم المعالي في هذه الأمة ، الذين يسعون لإرضاء ربهم ، ويطمعون في رحمته ويرجون ثوابه ، ويخشون عقابه ، ويسعون للوصول إلى جنته ، ففي هذا الميدان الرحب الفسيح فليتسابق المتسابقون ، وليتنافس المتنافسون ، قال تعالى : " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرض السموات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين * والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الله إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين " [ آل عمران 133-136 ] ، فالنفس البشرية بطبيعتها وتركيبتها ميالة للحرام ، لكن الله عز وجل جعل لها خطاماً وزماماً تؤخذ به ، فكلما همت بسيئة ردها صاحبها ، لأن الله عز وجل غني عنا وعن عبادتنا ، ولكنه أوجدنا في هذه الحياة الدنيا للابتلاء والاختبار والامتحان ، فمن وقع في الحرام فقد رسب في الامتحان ووقع في الابتلاء ، الدنيا مليئة بالحرام ، ففي المنزل قد تجد الحرام ، وفي الشارع تجده ولا ريب ، وفي العمل وفي كل مكان ، فالحرام موجود في كل مكان ، وخصوصاً إذا خلا العبد بنفسه بين جدران أربعة ، هناك يطفأ الإيمان أو يزاد ، هناك تظهر مخافة العبد لربه ، لأنه لا أحد من البشر يراه ، ولا يراه إلا الله الذي خلقه ، فمن منع نفسه الأمارة بالسوء ، وكبح جماحها ، ومنعها عن الحرام فهذا هو الفائز ، وبما أن حديثنا عن الخمر والمخدرات وأنواع المسكرات ، فمن وفقه الله وامتنع عن تعاطيها وبلعها واستخدامها فقد تسنم مكانة عظيمة ، وارتقى مرتقىً عالياً ، وإليكم بعض الأدلة على ذلك :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يسقيه الله الخمر في الآخرة ، فليتركها في الدنيا ، ومن سره أن يكسوه الله الحرير في الآخرة فليتركه في الدنيا " [ أخرجه الطبراني في الأوسط وهو حديث حسن لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 604 ] .

وعن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من ترك الخمر وهو يقدر عليه ، لأسقينه منه في حظيرة القدس ـ يعني الجنة ـ ، ومن ترك الحرير وهو يقدر عليه ، لأكسونه إياه في حظيرة القدس " [ أخرج البزار بإسناد حسن ، وهو حديث صحيح لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 604 ] . والحظيرة : هي المكان الذي تأوي إليه الغنم ليقيها الحر والبر والمطر ، والمقصود في الحديث الجنة .

فهنيئاً لمن عظَّم أوامر الله عز وجل ، ففعلها ، واجتنب النواهي وكان منها حذراً ، فطاعة الله تعالى هي السبيل الموصل إلى الجنة ، والطريق القويم إلى الدرجات العلى فيها ، قال تعالى : " تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم " [ النساء 13 ] ، وقال تعالى : " ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً " [ الأحزاب71 ] .



شبهتان وردهما :

قد يعلل بعض متعاطي المخدرات سبب تعاطيهم لها ، في أسباب من أهمها شبهتان مهمتان ، وإليكموهما مع بيان بطلانهما :

الشبهة الأولى / الشعور بالسعادة :

يشعر متعاط المخدرات بالسعادة عندما يتعاطاها ، وبالتالي يفقد عقله ووعيه ، وهذا حق وصواب ، فما سمعنا ببهيمة تشعر بضيق نفسي ، أو توتر عصبي ، لأنه لا عقل لها ، فالمخمور والسكران ، ومن يستخدم التشفيط وغيره من أنواع المخدرات ، يتغطى عقله بهذه المادة السمية ، فيفقد التفكير نهائياً ولا يشعر بوجوده في الحياة ، فلا شك أنه يشعر بالسعادة ، لأنه لا عقل له ، لكن ماذا يترتب على تعاطي المخدرات بعد أن يفوق من سكره وتغطية عقله ؟

الجواب : تزادا عليه الهموم ، وتكثر عليه الغموم ، ويصبح كصنبور الماء ، إذا حبسته ، ثم أطلقته تدفق الماء منه بسرعة وكثرة ووفرة ، كذلك صاحب الخمر والمخدرات ، تنحبس عنه الهموم وقت التعاطي ، وعند فقد العقل ، ثم لما يعود له عقله ، تتدفق عليه الهموم ، فيحتاج إلى ما يذهبها عنه ، فيلجأ مرة أخرى إلى التعاطي ، وهكذا حتى يموت وهو على تلك الحال والعياذ بالله .

فكلما أفاق زادت همومه وغمومه ، وتملكته الآلام ، واستولت عليه الشياطين والأوهام ، حتى يعود إلى التعاطي ، فأي حياة هذه ؟ أي حياة يرجوها المسلم بلا عقل ؟ لحياة البهائم أعظم منها وأفضل ، لأن البهائم ملهمة بذكر الله ، والسكران لا وقت لديه ليذكر الله ، فسبحان الله كيف يصنف إنسان نفسه بين الحيوانات العجماوات .

فيا شراب الخمر ، ويا متعاط المخدرات : ألا تستحيي من الله ، ألا تخاف من أليم عقابه ، وشديد عذابه ، ألا تخجل من حيوانات وجمادات تذكر الله تعالى على فقد عقولها ، تسجد لربها ، وتعصيه أنت ، وقد من عليك ، وتفضل بأن وهبك العقل ، ألم تسمع قول الله تعالى : " ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء " [ الحج 18 ] فاحذر أن تكون ممن حق عليه العذاب ، وإياك أن تكون ممن أهانهم الله فلا مكرم لهم في الدنيا ولا في الآخرة .

يقول أحد المدمنين :

إن حياتي ليس فيها شيء يستحق الذكر ، فعلى الرغم من إدماني للمخدرات ، وادعاء بعض المدمنين بأنها تجلب الراحة النفسية ، والشعور بامتلاك كل شيء يفكر فيه الإنسان ، إلا أنني لم أجد منها إلا المصائب والجنون والأزمات النفسية ، وفقدان الضمير والأهل والأصحاب ، وعلاوة على ذلك الإفلاس المادي . [ المخدرات طريق الضياع 78 ] .



الشبهة الثانية / نسيان الهموم :

يلجأ الكثير ممن لديهم مشاكل أسرية ، أو في العمل ، أو في التجارة ، أو غير ذلك من أسباب المشاكل والفتن ، والمصائب والمحن ، يلجأ أحدهم إلى المخدرات والخمور والمسكرات ليُذهب تلك الهموم ، ويقضي على تلك الغموم ، وينسى أن من يذهب الغم ، ويزيل الهم ، هو الله الذي لا إله غيره ، ولا رب لنا سواه ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُصِيبُهُ وَصَبٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا حَزَنٌ وَلَا سَقَمٌ وَلَا أَذًى ، حَتَّى الْهَمُّ يُهِمُّهُ ، إِلَّا يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ " [ حديث صحيح ، أخرجه أحمد 17 / 45 ] ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا " ، قَالَ : فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَلَا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : " بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا " [ أخرجه أحمد ، وفيه مجهول ، 6 / 246 ، وقال الألباني رحمه الله : وجملة القول : أن الحديث صحيح من رواية ابن مسعود وحده ، انظر السلسلة الصحيحة 1 / 383-387 ] .

فعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى ، فهو سبحانه فارج الهم ، ومزيل الغم ، ومجيب دعوة المضطر إذا دعاه ، بذكره تطمئن القلوب ، وتهدأ الأنفس ، وتزول البلايا . وأما من لجأ إلى الخمور والمخدرات ، واعتقد أنها تزيل همومه ، وتذهب غمومه ، فقد وقع في حفرة ربما لا ينجو منها أبداً حتى يلقى الله تعالى وهو على الجرم المشهود ، لأن من لجأ إلى المخدرات لحل مشاكله ، فقد تنكب الطريق الصواب ، وابتعد عن الطريق المستقيم ، وأشرك مع الله غيره ، فاستعمال الخمور والمخدرات لإزالة الهموم والمصائب ، أقول : ذاك نوع من أنواع الشرك والعياذ بالله ، يقول الله تعالى : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " [ الرعد ] .

الله عز وجل خلقنا لغاية سامية ، وحكمة عظيمة ، ألا وهي عبادته سبحانه دون سواه ، فهي مهمة الإنسان في هذه الحياة، هي سر وجوده ووسام عزه، وتاج شرفه، وإكسير سعادته، تلكم هي عبوديته لربه عز وجل، وتسخيره كل ما أفاء الله عليه للقيام بها، وعدم الغفلة عنها طرفة عين، كما قال تعالى : " وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " [ الذاريات 56 ] .

وإن أمارة المسلم الحق بقاؤه ثابتًا على مبادئه، وفيًا لدينه وعقيدته، معتزًا بأصالته وشخصيته فخورًا بمبادئه وثوابته، لا يحدُّه عن القيام برسالته زمانٌ دون زمان، ولا يحول بينه وبين تحقيق عبوديته لربه مكان دون آخر، فمحياه كله لله، وأعماله جميعها لمولاه ، : " قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ " [الأنعام 162، 163 ] .

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أهمه أمر ، وأصابه غم ، فزع إلى أعظم الأمور تعبداً لله ، ألا وهي الصلاة ، فكان يقول : " أرحنا بها يا بلال " [ أخرجه أبو داود ] .

فالمسلم حيثما كان وحلَّ ، وأينما وُجِد وارتحل ، فإنه يضع العبودية لله شعاره ، وطاعته لربه دثاره ، هذا هو منهج المسلم الصادق في إسلامه ، القوي في إيمانه ، الإيجابي في انتمائه ، ومن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله فقد أشرك ، والعياذ بالله ، ومن اعتقد أن المخدرات تزيل الهموم ، وتذهب الغموم ، فقد أخطأ خطأً فادحاً ، وفي الدين قادحاً .

كانت تلكم شبهتان لبَّس بهما الشيطان على كثير من الناس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فانصاعوا لأوامره ، واتبعوا هديه ، حتى ضلوا عن سواء الصراط ، وهاموا في كل واد ، فويل لأولئك العباد ، من يوم التناد .


عبارات البحث

العاب ، برامج ، حسابات ، MOLLABORJAN منتديات ، كوكيز , مواقع الرفع .





o',vm hgolv ,hglo]vhj ugn hgHtvh] ,hgl[jluhj hgolv o',vm ,hgl[jluhj

 ضع تعليق باستخدام حساب الفيس بوك  










رد مع اقتباس
قبل ان ترسل محتوى الموضوع الى صديق تذكر ان الله يراك لا ترفق كلمات خادشه برسالتك او الصور الخادشة اللهم قد بلغت اللهم فأشهد
أرسل هذا الموضوع إلى صديق
فنان الظلام

الصورة الرمزية فنان الظلام
 
رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل : Nov 2011
مجموع المشاركات : 3,829

رقم المشاركة:[2]
تاريخ المشاركة: [16-02-2012]

افتراضي





ياما دمرت بيوت ومنازل كثيره
اشكرك على الطرح المميز أخي








رد مع اقتباس
saminho10

الصورة الرمزية saminho10
 
رقم العضوية : 939
تاريخ التسجيل : Jan 2012
مجموع المشاركات : 436

رقم المشاركة:[3]
تاريخ المشاركة: [18-02-2012]

افتراضي





بارك الله فيك








رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


القسم الإسلامي = Islamic Section



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة BB code is متاحة
لا تستطيع الرد على المواضيع الابتسامات متاحة
لا تستطيع إرفاق ملفات كود [IMG] متاحة
لا تستطيع تعديل مشاركاتك Forum Rules
الانتقال السريع

خطورة الخمر والمخدرات على الأفراد والمجتمعات


Bookmark and Share


All times are GMT -8. The time now is 06:28 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.7

RSS - XML - HTML  - sitemap

 

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات MOLLABORJAN.

Site is Hosted by dimofinf : 
استضافة غير محدودة

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر الإدارة .

مشاهدة طاقم الإدارة